أولا: أن الرّسل جميعا على أمر واحد، وعلى دعوة واحدة، هى الإيمان بالله.. فمن كذب برسول من رسل الله، فهو مكذب برسل الله كلهم.. لأن الحق الذي معهم واحد، والدين الذي يدعون إليه دين واحد..
وثانيا: أن أهل الضلال، كيان واحد أيضا، لا اختلاف بين أولهم وآخرهم..
فالطريق الذي سار عليه أولهم، من الكفر بالله والتكذيب بالرسل، هو نفس الطريق الذي سلكه وسار عليه كل مشرك ضال..
قوله تعالى:
«وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ» .
الفواق: البرهة القصيرة من الزمن، بين الجرعة والجرعة من الماء.. يأخذ فيها الشارب نفسه..
والإشارة هنا (بهؤلاء) إلى المشركين، وأنهم هم المقصودون فى هذا المقام بهذا الحكم المشار إليهم به..
والآية تهديد لهم بأنهم- وقد أهلك الله أمثالهم من المكذبين الضالين، وأنزل بهم العذاب الذي يستحقونه- لن يمهلوا طويلا حتى يأتيهم العذاب، وهو حين يأتى لا يدع لهم لحظة من الزمن يستردون فيها أنفاسهم.. إنها صيحة واحدة تخمد أنفاسهم بعدها..
والصيحة هنا، هى صيحة الموت.. فإن مشركى العرب لم يهلكوا بعذاب من عند الله فى الدنيا، إكراما لرسول لله صلوات الله وسلامه عليه، كما يقول سبحانه: «وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ» (33: الأنفال) وصيحة الموت هذه، هى بالنسبة للكافر، الذي يموت على كفره،