التفسير:
قوله تعالى:
«وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ» .
هو استئناف لقصة أخرى من قصص أنبياء الله، وما أفاض عليهم الله سبحانه وتعالى، من جزيل عطاياه، وسابغ أفضاله.. وقد ذكرت الآيات السابقة قصة نوح وإبراهيم..
وهنا فى هذه الآيات تذكر قصة موسى وهرون، ثم قصة إلياس، كما سنرى..
والمنّ: فى الأصل تذكير المحسن للمحسن إليه بالإحسان، فى شىء من الاستعلاء، الذي يجرح العواطف ويؤذى الشعور. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» (17: الحجرات) .
ومنّ الله سبحانه وتعالى على عباده بتذكيرهم بنعمه وإحسانه إليهم- ليس فيه شىء مما يكون بين الناس والناس من منّ.. بل هو الشرف الذي لا ينال، والعزة التي لا تطاول، أن يكون الإنسان بموضع الإحسان من ربه..
إنه إحسان من مالك الإحسان، وفضل من رب الفضل، وجود من صاحب الجود.. فمن أصابه شىء من عطاء ربه وإحسانه، فهو تاج شرف يزين به جبينه، وثوب فخار وعزة يمشى به فى الناس..
فمن يستحى أن يمد يده إلى الله سائلا متضرعا؟
ومن يجد فى صدره حرجا- من أمير أو صغير- أن يسأل رب الأرباب، وسيد الملوك والأمراء؟