وفى تفسير ابن كثير مقولات كثيرة فى هذا المقام، تضاف إلى صحابة رسول الله، لتقع من النفوس موقع القبول والتسليم.. وقد فضحها ابن كثير رضى الله عنه، وكشف عن المصدر الذي جاءت منه.. يقول ابن كثير:
«وهذه الأقوال- والله أعلم- كلها مأخوذة عن «كعب الأحبار» فإنه لما أسلم فى الدولة العمريّة، جعل يحدث عمر رضى الله عنه، عن كتبه قديما، فربما استمع له عمر، فترخص الناس فى استماع ما عنده، ونقلوا ما عنده عنه، غثها وسمينها، وليس لهذه الأمة- والله أعلم- حاجة إلى حرف واحد مما عنده» .
ولا نجد حجة أبلغ ولا أقوى من تلك الحجج الدامغة التي قدمها الإمام ابن تيمية- نضر الله وجهه- فى دفع تلك الفرية، وفضح هذه الدسيسة التي دسها اليهود على هذه الحادثة..
ولا يستمدّ ابن تيمية حججه من نصوص الكتاب الكريم وحده، إذ أن الذين لا يدينون بالإسلام، لا يأخذون أنفسهم بنصوص كتابه، ولهذا يعمد ابن تيمية إلى الواقع التأريخي لإبراهيم وذريته، وللظروف التي عاش فيها مع زوجيه- سارة وهاجر- ومع ولديه- إسماعيل وإسحق..
ويقيم على ذلك شواهد من التوراة نفسها، ثم يعمد إلى هذا النصّ الذي تصرح فيه التوراة بأن إسحق هو الذبيح فيكشف عن زيفه وباطله..
يقول ابن تيمية رحمه الله.
«وهذا القول- أي القول بأن إسحق هو الذبيح- متلقّى من أهل الكتاب (يعنى اليهود) مع أنه باطل بنصّ كتابهم: فإن فيه: «إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه، بكره» ولا يشكّ أهل الكتاب مع المسلمين أن «إسماعيل» هو بكر أولاده.