أي حين رأى القوم ما حل بآلهتهم، ووقع ما وقع من اضطراب وبلبلة، وانتهى الأمر بينهم إلى أن إبراهيم هو الذي فعل هذه الفعلة بآلهتهم- أقبلوا إليه مسرعين، فى خفة وطيش، ليمسكوا به، وليحاسبوه الحساب العسير على هذا الجرم العظيم! ..
والزفيف: هو الصوت الذي تحدثه النعامة بجناحيها، حين تنطلق مسرعة من وجه خطر يتهددها، فتزّف بجناحيها..
وفى وصف القوم بهذا، تشبيه لهم بالنعامة فى جبنها الذي يطير معه صوابها، حين ترى، أو تتوهم أنها ترى، خطرا، فتنطلق إلى حيث ترمى بها أرجلها، لا إلى حيث يدعوها عقلها، إذ كانت ولا عقل لها، ولا حيلة عندها، حتى إذا دهمها الخطر، دفنت رأسها فى الرمل، وكأنها بذلك قد دخلت مأمنها!! وهكذا القوم فى تصريف أمورهم.. إنهم نعام طائش لا عقل لهم، ولا تدبير عندهم..
قوله تعالى:
«قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ؟» .
وقد كان لقاء القوم لإبراهيم، لقاء عاصفا مزمجرا، كثرت فيه الرميات بالوعيد والتهديد.. وقد ضرب القرآن الكريم هنا صفحا عن كل ما حدث، إذ كان لهذه القصة حديث فى غير موضع منه.. واكتفى القرآن هنا بالإمساك بكلمة الفصل فى هذه القضية:
«أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ؟» .
فهذه هى القضية.. وهذا هو السؤال الذي يحسم الأمر فيها..