وأما الأيام الستة التي ذكرها القرآن الكريم فى أكثر من موضع زمنا لخلق السموات والأرض، فهى الوعاء الزمنى الذي استكملت فيه السموات والأرض تمام خلقهما، شأنهما فى ذلك شأن كل مخلوق.. من حيوان أو نبات أو جماد.. الإنسان «حَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» وبعض الحيوانات يتخلق فى ساعة أو ما دون الساعة، وبعضها يتخلق فى عام أو أكثر من عام، والحبة تكون نبتة فى كذا، وشجرة فى كذا من الزمن، وهكذا..
فقوله تعالى: «خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ» يشير إلى أن الوعاء الزمنى الذي تم فيه خلق السموات والأرض هو ستة أيام، فقد تخلّفا فى هذه الأيام الستة كما تتخلق الكائنات، وتستكمل وجودها، فى زمن مقدور لها، تعيش فيه، متنقلة من طور إلى طور، ومن حال إلى حال، حتى تأخذ الوضع الذي تبلغ به تمامها.
وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (30)
التفسير: حين أصبحت الأرض صالحة لاستقبال الكائن البشرى، أعلن الله تعالى فى الملأ الأعلى هذا الخبر، وآذن الملائكة بأن كائنا بشريا سوف يظهر فى الكوكب الأرضى، وسيتولى قيادة هذا الكوكب، ويكون خليفة الله فيه! والآية صريحة فى أن هذا الكائن البشرى أرضىّ المولد، والنشأة، والموطن، وأنه من طينة الأرض نشأ، وفى الأرض يتقلب، وفى شئونها