وطعموا ما اشتهوا من طعام، وشربوا ما طاف عليهم من كئوس الشراب- لم تبق عندهم إلا لذة الحديث، فأقبل بعضهم على بعض، يتساءلون، ويتسامرون..
وكما أقبل أصحاب النار بعضهم على بعض يتساءلون، كذلك أقبل أصحاب الجنة بعضهم على بعض يتساءلون.. ولكن شتان بين تساؤل وتساؤل، وحديث وحديث.. إنه هناك- كما رأينا- كان اختصاما، وكان اتهاما، وكان تراميا بالشناعات واللعنات..!
أما هنا، فهو حديث الأحبّاء الأصفياء.. يتساقون به كئوس المودة والإخاء..
قوله تعالى:
«قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ: إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ» .
وهذا من بعض ما يتحدث به أهل الجنة بعضهم إلى بعض.. فقال أحدهم: إنى كان لى فى الدنيا قرين.. أي صاحب قد جمعتنا الصحبة فى قرن واحد.
ويصغى أهل المجلس إلى هذا الحديث، وما كان من شأن هذا الصاحب مع صاحبهم هذا!.
«يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ» ..
أي أن هذا الصاحب، كان مما يحدّث به صاحبهم هذا، أن يشككه فى أمر البعث، وأن يكشف له عن استحالته بما يضرب له من أمثال، فى هذه العظام البالية، وهذا التراب الذي صارت، إليه العظام، وأن لبسها الحياة بعد