أي إنما شأنه سبحانه فى الخلق، أن يريد، فيقع ما يريد.. بلا معاناة ولا بحث.. إنه سبحانه يقول للشىء الذي يريد إيجاده «كن» فيكون كما أراد..
فبالكلمة خلق الله كل شىء.. إن الكلمة: «كن» هى مظهر إرادة الله. والموجودات هى مظاهر كلمات الله.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى «قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً» (109: الكهف) .
قوله تعالى:
«فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» .
فتسبيحا لله، وتنزيها له، وإجلالا لجلاله- سبحانه- «بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ» أي ملك كل شىء، ملكا متمكنا، مستوليا على كل ذرة فيه..
والملكوت: مبالغة فى الملك، بالاستيلاء عليه استيلاء مطلقا، يمسك بكل ذرة، وبكل ما دون الذرة منه.
وفى قوله تعالى: «وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» تقرير للبعث، وتأكيد له.. وأنه ما دام بيد الله ملكوت كل شىء والناس من أشياء هذا الوجود الذي هو ملك لله، فإنهم لا بد راجعون إلى الله.
وإلى أين يذهب الناس بعد الموت إذا لم يرجعوا إلى الله؟ إنهم إذا لم يرجعوا إليه فليسوا إذن فى ملكه.. وليس هناك شىء غير مملوك لله، وهو «الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ» «أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ» . (54: الأعراف)