أشبه بالمخاط.. أما العظام فهى تمثل حياة كاملة، كانت تسكن فى تلك العظام- إنها عاشت فعلا حياة كاملة، وكان منها إنسان كامل، كهذا الإنسان، الذي يجادل، ويضرب الأمثال لله..
فهذه العظام، تمثل حياة لها تاريخ معروف.. أما النطفة، فلا ترى عين هذا الجهول فيها أثرا للحياة.
قوله تعالى:
«قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ» .
هو الرد المفحم على هذا السؤال الإنكارى.. «مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ» ؟ إن الذي يحييها، هو الذي أنشأها أول مرة.. لقد أنشأ هذه العظام من نطفة، وألبسها الحياة، ثم أماتها.. ثم هو الذي يحييها.. إنه إعادة لشىء كان بعد أن لم يكن، وإعادة بناء الشيء، أهون- فى حسابنا- من ابتداعه، واختراعه أصلا..
وفى قوله تعالى: «وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ» - إشارة إلى علم الله المحيط بكل شىء، ومن كان هذا علمه فلن يعجزه شىء.. فبالعلم استطاع الإنسان أن يحرك الجماد، وينطقه، وبالعلم استطاع أن ينقل الأصوات، وصور المرئيات من طرف الأرض إلى طرفها الآخر فى لحظة عين، أو خفقة قلب.. وبالعلم يستطيع الإنسان أن يفعل الكثير، مما تعدّ هذه الأشياء من نوافل علمه..
فكيف بعلم الله الذي وسع كل شىء؟ أيعجزه شىء؟ إن من يعجز عن أي شىء لا يستحق أن يضاف إليه العلم كله.. إذ لو كان معه العلم كله لما أعجزه شىء؟ والله سبحانه وتعالى: «بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (29: البقرة) ..
قوله تعالى:
«الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ» .
هذه بعض آيات من علم الله.. إنه سبحانه خلق الشجر، وقد امتلأ