المدينة، وهى القرية التي جاء ذكرها فى أول المثل.. وهذا الرجل يكاد يكون صورة مطابقة لمؤمن آل فرعون، الذي قلنا عنه إنه رسول، أو حوارىّ رسول. فمن هو هذا الرجل؟ وهل له مكان فى قصة موسى مع فرعون؟.
ونعم، فإننا نجد فى قصة موسى مع فرعون، رجلا آخر، جاء من أقصى المدينة، يسعى.. ولكنه فى هذه القصة لم يكشف عن دعوة له إلى الله، وإنما جاء ناصحا لموسى، هاتفا به أن يخرج من المدينة، فإن الملأ يأتمرون به ليقتلوه، كما يقول تعالى فى سورة القصص: «وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ» (آية 20) .
ولم تكن للرجل دعوة إلى الله هنا، لأن موسى لم يكن قد أرسل بعد..
وربما كان الرجل مؤمنا بالله، يدين بالتوحيد عن طريق اليهودية، أو عن طريق النظر الحرّ.. وعلى أىّ فهو على غير دين فرعون.. وقد ظل الرجل على إيمانه إلى أن بعث الله موسى رسولا، فلما جاء موسى يدعو فرعون إلى الله، وعرض بين يديه تلك المعجزات، ازداد الرجل إيمانا، فأصبح داعية إلى الله، يدعو قومه إلى الإيمان بالله..
وعلى هذا، فإننا نجد فى القصة والمثل رجلين:
أحدهما، وهو المؤمن الذي من آل فرعون. والذي وقف مع موسى وهرون موقف الداعية إلى الله، وأنه كان على إيمان بالله، ولكنه كان يكتم إيمانه خوفا من فرعون، فلما رأى أن فرعون يدبّر لقتل موسى، فزع لهذا الأمر، وأعلن إيمانه، ووقف مع موسى وهرون، يحاجّ فرعون، ويجادله، إذ كان- مع إيمانه- ذا جاء وسلطان.. إنه من آل فرعون! ..