الصفات العظيمة للنبىّ، هو وإن كانت تكريما للنبىّ، وامتنانا عليه بإحسان ربّه إليه- هو أيضا تكريم لهؤلاء الجاهليين، وامتنان بفضل الله عليهم، إذ بعث فيهم خير رسله، وخاتم أنبيائه، ومجتمع كتبه.. وفى هذا حثّ لهم على أن يقبلوا على هذا الخير الكثير المرسل إليهم، وأن يأخذوا حظهم منه.
- وفى قوله تعالى: «ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ» .. إشارة إلى أنهم لم يبعث فيهم رسول قبله.. أما رسالة إسماعيل عليه السلام، فهى رسالة كانت مقصورة على أهله، كما يقول تعالى: «وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ» (55: مريم) وإذا كان لهذه الرسالة أثر، فقد اندثر، وعفّى عليه الزمن وسط ظلام الجاهلية وضلالها.
- وفى قوله تعالى: «فَهُمْ غافِلُونَ» .. إشارة أخرى إلى ما كان عليه القوم من جهل وغفلة، فكانوا بهذا فى أشد الحاجة إلى من يعالج هذا الداء المتمكن فيهم.
قوله تعالى:
«لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ» هذا حكم قاطع على هؤلاء المشركين، وهم فى لقاءاتهم الأولى مع الدعوة..
«لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ» والقول الذي حق على أكثرهم هو الحكم الذي قضى الله سبحانه وتعالى به فى سابق علمه، على الكثرة من هؤلاء المشركين، من أنهم لا يؤمنون، ولا ينزعون عنهم الشرك الذي لبسوه.. «فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ» لسابق قضاء الله فيهم..
وقد صدق ما أخبر به القرآن، ووقع كما أخبر به.. فإن أكثر هؤلاء المشركين الذين شهدوا مطالع الدعوة الإسلامية، لم يدخلوا فى الإسلام، فإنه