يجلب خيرا أو يدفع ضرّا، إلا بإذن الله وتقديره..
فما يرسله الله سبحانه وتعالى إلى الناس، من رحمة، أي من خير ورزق، لا يستطيع أحد رده، والحيلولة بينه وبين أن يصل إلى حيث أراد الله..
وما يمسك الله من شىء، فلا يستطيع أحد أن يرسله، ولا أن يزحزحه عن الموضع الذي هو فيه..
وقد قيّد ما يرسل من الله- سبحانه- بالرحمة، إشارة إلى ما لله سبحانه وتعالى من فضل وإحسان، وأنه رحيم بعباده، وأن رحمته وسعت كل شىء وأطلق ما يمسك، ولم يقيد بالرحمة أو غيرها، إشارة إلى أن الله سبحانه إنما يمسك ما يمسك لاضنّا بما يمسكه، وإنما لحكمة وتقدير.. «وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» الذي عز سلطانه فملك كل شىء، والذي قام ملكه على الحكمة، فلا يقع فيه شىء إلا بتقدير الحكيم العليم قوله تعالى:
«يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» وإذا كان الله سبحانه وتعالى، هو مالك الملك وحده، والمنصرف فيه بلا شريك يشاركه- فإن أي مخلوق يتوجه إلى غير خالقه، ويطلب الرزق منه، يكون قد ضل، ولن يبوء إلا بالخيبة والخسران.
- وقوله تعالى: «فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» استفهام إنكارى، ينكر على الذين يولّون وجوههم إلى غير الله، ويلتمسون الرزق من غيره- ينكر عليهم هذا الضلال، ويتبعهم إلى هذا المتجه الخاطئ الذي يتجهون إليه.. والإفك:
الافتراء والبهتان.