أن يفتح كتاب الأناجيل جبهة جديدة للحرب بينهم وبين اليهود، وأن يلقوا إلى النار المشبوبة وقودا جديدا، يزيدها اشتعالا، ويزيد اليهود سفاهة وتطاولا! ثالثا: لنا أن نجعل فى اعتبارنا أن كلام المسيح فى المهد، لم يكن حدثا قائما يعيش فى الناس، وإنما كان للحظة عابرة- كما قلنا من قبل- أريد به أن يطفىء ثورة ثائرة على أمه.. وأنه إذا كانت تلك المعجزة قد أحدثت هزّة عميقة، ودويا عاليا- فإن صمت المسيح بعدها إلى أن جاوز دور الطفولة، قد أطفأ جذوتها، وجعلها تتوه خلال تلك الأحداث المذهلة التي دارت حول المسيح، فى كل خطوة كان يخطوها، وسط صخب اليهود وجلبتهم.

رابعا: الذين شهدوا كلام المسيح فى المهد لم يكونوا يجاوزون بضعة من الناس، هم القرابة القريبة من أمّه، الذين استقبلوها وهى تحمل وليدها، فأنكروها وأنكروا ما تحمل!! ومثل هذا العدد، وإن وجدوا فى كلام المسيح ما يمسك ألسنتهم عن قول السوء فى العذراء البتول- لا يمكن أن يقف لهذه الأعداد الكثيرة التي تعيش خارج هذه الدائرة المحدودة، وتخفت صوتها، الذي إن بدأ خافتا، متهامسا، متقطعا، فإنه سيعلو ويعلو، ويصير صراخا، وعواء يملأ أرجاء اليهودية، حين يواجه المسيح اليهود بدعوته، ويواجهونه هم بالإنكار والتكذيب، ثم المطاردة، والمحاكمة!! والصورة التي تبدو لنا من هذا الموقف.. هى هكذا:

عدّة من الناس.. قد يكونون عشرة، أو ما دون العشرة أو أكثر، هم رهط مريم الأقربون، قد رأوا الوليد، وسمعوه يتكلم، ويدفع عن أمه العار الذي واجهوها به.. فلما صمتوا حين تكلّم، صمت هو إلى أن فارق طور الطفولة..

ثم هناك أعداد لا حصر لها من الناس، ترامى إلى سمعها هذا الخبر العجيب، فجاءت تطلب له الشاهد من فم هذا الطفل الذي نطق، فلم تجد إلا صمتا، ولم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015