- وقوله تعالى: «وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً» .. الإشارة هنا إلى ما يقع على أعمالهم من إحباط لها كلها، فلا ينجح لهم كيد، ولا يستقيم لهم تدبير..
إنهم يكيدون لله، ويحاربون ربهم بهذه الأسلحة الباطلة، والله لا يصلح عمل المفسدين.. «قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ» . (26: النحل) قوله تعالى:
«يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا» .
أي أن هذا الخوف الذي استولى على هؤلاء المنافقين من موقف القتال، وحال الحرب التي كانت متوقعة بين المسلمين وبين الأحزاب- قد لصق بهم، وصار كائنا يعيش فيهم، ووسواسا يملأ عليهم وجودهم، ويملك تفكيرهم، حتى أنهم- وقد ذهب الأحزاب، وردهم الله بغيظهم لم ينالوا خيرا- لم يصدقوا أنهم ذهبوا، إذ ما زال شبحهم مطلا عليهم.. هكذا يفعل الخوف بالجبناء، الذين يحرصون على الحياة، ويبيعون من أجلها الشرف، والمروءة، والرجولة..
- وقوله تعالى: «وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ» أي ولو فرض أن الأحزاب عادوا مرة أخرى، وأخذوا مثل هذا الموقف من المسلمين، لتمنّى هؤلاء المنافقون أن ترمى بهم الأرض في مطرح غير ما هم فيه، وأن يكونوا من سكان القفار والبوادي..
- وقوله تعالى: «يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا» ..
كلام مستأنف، يكشف عن حال من أحوال المنافقين، وهو أنهم- لما ركبهم