فهم على حال مقاربة، سواء منهم من قعد، ولم يخرج، أو من خرج مع المؤمنين..
إنه لا غناء فيه، ولا نفع للمسلمين منه، فى موقفهم من عدوهم.. إنهم «لا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا» .. والمراد بالقلة هنا قلة الغناء في الحرب، وضعف الأثر الذي لهم في القتال.. فهم وإن شهدوا الحرب، إنما يشهدون بنفوس مريضة، وقلوب واجفة، وأبصار زائغة.. أما إخوانهم الذين قعدوا من أول الأمر، ولم يخرجوا مع المسلمين، فإنهم لا يأتون البأس، قليلا أو كثيرا.. والمعنى: أن هؤلاء المنافقين إنما يستدعون من صفوف المسلمين من لا خير فيه، ولا نفع يرجى منه، بل إن قعوده خير المسلمين من خروجه.. والله سبحانه وتعالى يقول في المنافقين: «لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ» (47: التوبة) قوله تعالى:
«أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ.. أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً» ..
الأشحة: جمع شحيح، وهو البخيل بما يملك، الضنين به..
أي أن هؤلاء المنافقين الذين يشهدون الحرب بتلك النفوس المريضة، يضنون على المسلمين بأى جهد يبذلونه معهم في سبيل النصر، وكسب المعركة.
وقوله تعالى: «أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ» حال أخرى بعد الحال في قوله تعالى:
«وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا» أي أن هؤلاء المنافقين لا يأتون الحرب إلا قليلا،