تَتَفَكَّرُونَ
فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» .
وإن لقائل هذا القول لمنطقا، إذ أن له أن يقول، إن آيات الخمر نزلت جملة واحدة، جمعت أطراف الأمر كله! وعلى هذا يكون النظر في حرمة الخمر وحلّه.. ثم إن له أن يقول- وإن لقوله لمنطقا-: إن الخمر ليس حراما حرمة مطلقة، إلا أن يسكر منه شاربه، ثم يصلى وهو سكران! ويقال: مثل هذا كذلك في الربا، على اعتبار أن آخر الآيات نزولا هى قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً» .. فالربا لا يكون- على هذا الاعتبار حراما إلا إذا كان أضعافا مضاعفة.
وهكذا يمكن أن تعرض أحكام الشريعة كلها على آيات القرآن، وتستدار لها الآيات على أي وجه يقيمه الناس عليه..
وثالثا: لو سلّم جدلا، بإمكان ترتيب القرآن ترتيبا زمنيا بحسب نزوله- وهو أمر مستحيل استحالة مطلقة- فما جدوى هذا؟ وماذا يعود على دارسى القرآن منه؟
لقد أشرنا إلى بعض الأخطار المزلزلة التي تهدد الإسلام- شريعة وعقيدة- من هذه الفتنة فهل وراء هذه المجازفة شىء من الخير، يقوم إلى جوار هذه الشرور العظيمة الناجمة منها؟ إن كل شر يقوم إلى جواره بعض الخير، الذي قد يجعل للشر وجها يحتمل عليه، ويبّرر الأخذ به..
فهل في هذا الشر أية لمحة من لمحات الخير؟.
والذي نقطع به أن هذا العمل شر محض، وإن زين أهله ظاهره بهذا