إن العلم إنما يعمل هنا فيما خلق الله، لا فيما خلق العلم..
فليغرس الماديون الذين يجهلون قدر العلم، كما جهلوا قدر الله.. إن من صفات الله سبحانه أنه العليم، وأن العلم هو أجل نعم الله على عباده، وهو الذي ترجح به موازين الناس، وترتفع به منازل بعضهم على بعض: «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ..» (9: الزمر) .. وإنه ليكفى العلم قدرا وجلالا، أن يرفع الله قدر أهله، وينزلهم منازل رضوانه، بقدر ما حصّلوا من علم، وما حققوا من إيمان.. فيقول سبحانه: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ» (11: المجادلة) .. بل يكفى أن نظم الله سبحانه وتعالى العلماء في عداد الملائكة، فقال سبحانه: «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ» (18: آل عمران) .
- وقوله تعالى: «وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» هو من بعض علم الله في خلقه، وأنه سبحانه، هو الذي يقدّر الأرزاق، كما يقدّر الأعمار.. فلا يدرى إنسان ماذا قسم الله له من رزق، وماذا كتب الله له من عمر.. كما لا يدرى أحد على أي ميتة يموت، ولا في أي موضع يموت! «إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» .. فهو سبحانه الذي يعلم كل هذا علم الخبير بما يعلم.