نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ.. إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»
..
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآية السابقة قد جاءت داعية إلى الإيمان بالله، وإلى خشية عقابه يوم القيامة.. وقد جاء فيها قوله تعالى: «إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ» ليؤكد وقوع هذا اليوم، وأنه آت لا ريب فيه، إذ كان وعدا من الله.. والله لا يخلف وعده..
وهنا في هذه الآية، تقرير لهذه الحقيقة، وتأكيد لوقوعها كما وعد الله..
وذلك أن أكثر ما أضل الضالين، هو إنكارهم ليوم القيامة، أو تشككهم فى وقوعه، إذ كان أمرا بعيدا عن متناول الحس، والإدراك، بعيدا عن التصور، إذا قيس بمقاييس المادة..
فجاءت هذه الآية لتؤكد هذه الحقيقة، ولترى أن هناك أمورا حاضرة يعمل فيها الإنسان، ثم هى مع هذا محجوبة عنه، إن عرف مبتداها، لم يعرف منتهاها، وإن أمسك بأولها، أفلت منه آخرها، ومن ذلك اتجاه مسيرة الإنسان في الحياة، وما يقرر له من رزق فيها.. إن أحدا لا يستطيع أن يخطّ المصير الذي هو صائر إليه، ولا يدرى ماذا ستطلع به الأيام عليه من خير أو شر.. فإذا كان ذلك كذلك، فلم يجادل الإنسان في أمر الآخرة؟
ولم يشكّ في وقوعها إذا كان علمه قاصرا محدودا، لا يستطيع أن يكشف به ما يلقاه في عده؟
- وفي قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ» أسلوب قصر، مؤكد، ويراد به قصر علم الساعة على الله وحده. وعلم الساعة هو كل ما يتصل بها، من اليوم الذي تجىء فيه، وما يقع فيها من أحداث، وما يلقى كل إنسان من جزاء..