قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (30)
التفسير: بعد أن ذكر القرآن الكريم التحذير من موالاة الكافرين، وأباح ذلك فى أحوال وظروف خاصة- أشار هنا إلى أن المعتبر فى هذا الموقف هو ما انعقد عليه قلب المؤمن من إيمان، وهو فى تلك التجربة التي اضطرته الظروف فيها إلى مولاة الكافرين.. فقد أباح الإسلام «التقيّة» وهى أن يتقى المسلم أذى المشركين بكلمة أو فعل، ليدفع عنه أذاهم، دون أن يدخل من ذلك شىء على قلبه وما انعقد عليه من إيمان، وفى هذا يقول الله تعالى:
«مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ» (106: النحل) وقوله تعالى: «يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً..»
الظرف هنا «يوم» منصوب بفعل محذوف تقديره: اذكروا، واحذروا..
فذكر هذا اليوم، وما يلقى فيه الناس جزاء أعمالهم من خير أو شر- يخفف عن الإنسان كثيرا من ضواعط الحياة ومغرياتها، التي تحمله على التضحية بشىء من دينه فى مقابل كسب مادى عاجل، أو قضاء شهوة عارضة زائلة..
وفى قوله تعالى: «وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ» تنبيه لأولئك الذين يتألّون