التفسير:
قوله تعالى:
«وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» قلنا إن المؤمنين قد ابتلوا أول الإسلام بلاء عظيما، حيث فرق الإسلام بين ذوى الأرحام، وقطّع ما بينهم من صلات المودة.. وقد أشرنا إلى ذلك فى آخر سورة القصص، وفي أول هذه السورة..
وهذه الآية تعرض قضية من قضايا هذا الصراع النفسي الذي أوجده الخلاف في الدين بين الآباء والأبناء..
فالآباء الذين دعوا إلى الإسلام، قد وقفوا موقف العناد، وأبوا أن يتحولوا عما ألقوه من عادات ومعتقدات، وقليل منهم من آمن الله..
والأبناء، كانوا أقرب إلى الإسلام، إذ لم تكن فطرتهم قد انطمست معالمها بعد، بموروثات آبائهم وأجدادهم، فحين دعوا إلى الدين الجديد، استجابوا له.. وقليل منهم من حزن وأبى! والأمثلة هنا كثيرة.. فقد سبق أبو بكر إلى الإسلام، وتأخر أبوه إلى يوم الفتح.. وعلى بن أبى طالب، سبق إلى الإسلام ولم يسلم أبوه.. وهكذا.
فماذا يكون الموقف بين أبناء مؤمنين وآباء مشركين؟ إن الإسلام يوصى ببر الوالدين، وطاعتهما، والإحسان إليهما.. فماذا يكون الموقف لو أن الوالدين المشركين أرادا ابنهما على أن يرتد عن دينه الذي دخل فيه، ويعود إلى دينهم مشركا؟ أيطيعهما، ويرتد مشركا، أم لا يلتفت إليهما، ولا يسمع لقولهما؟