جهنم وما يلقى الكافرون من أهوالها- هى دعوة أخرى إلى الإيمان بالله، وإغراء بهذا النعيم، وتحذير من جهنم، وما يلقى أهلها من عذاب ونكال.
وفى قوله تعالى: «كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً» تبيان لطيب ثمر الجنة، وأنه على درجة واحدة من طيب الطعم وحسن المنظر، وأنه فى اختلاف أصنافه وألوانه، هو واحد فيما يجد الطاعم له من لذة ومتعة ونعيم! وهذا شأن آيات الله فى كمالها، وجلالها، وتشابهها فى الكمال والجلال وبهذا وصف الله- سبحانه- القرآن الكريم بقوله: «اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً» . ولعل سائلا يسأل: ألا تملّ النفس هذا المستوي الواحد من الطعوم التي تكاد تكون لونا واحدا من ألوان الطعام؟ أفلا كان من تمام النعيم أن تتجدد طعومه، وتختلف مذاقاته، فيكون نعيما فوق نعيم، تتضاعف به اللذة، وتتجدد فيه الرغبة؟
ونقول: إن نعيم الجنة لا يقاس بنعيم الدنيا، وأحوال أهل الجنة لا تقابل بأحوال أهل الدنيا، فهم إنما ينعمون نعيما كاملا لا نقص فيه، ولا يقبل مزيدا عليه.. نعيما متصلا لا ينقطع أبدا.. فكل ما ينالون من ثمار الجنة يحقق لهم هذا النعيم الذي ليس فوقه نعيم، دون سأم أو ملل، لأن النفس إنما تسأم الشيء الذي يلحّ عليها، بعد أن تتشبع به، وتستوفى حظها منه، فتزهد فيه، لأنه إن أرضاها فى حال، فلن يرضيها فى جميع الأحوال.. وليس كذلك نعيم الجنة، الذي يرضى أهله إرضاء كاملا متصلا.
هذا، مع أن نجعل فى تقديرنا، تلك الفروق الشاسعة بين أحوال الآخرة وأحوال الدنيا، وبين إنسان الجنة الخالد، وإنسان الدنيا الزائل.
هذا، وللآية الكريمة وجه آخر يمكن أن تفهم عليه، وهو أن ما يتلقاه