المحاذرين المجانيين من أخطاء، لا يلتفتون إليها، ولا يعملون حسابا لها، فتكون سببا في كشف أمرهم، وفضح سترهم..!
فانظر إلى هذه الكلمات النابضة بهذه الأسرار التي لا تنتهى.. إنها كلمات الله.. وكفى! قوله تعالى:
«وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ» ؟.
وتتحرك الأحداث مرة أخرى إلى «الوليد» وقد أصبح في آل فرعون، تلتمس له المراضع، ويعرض عليه واحدة واحدة، فلا يقبل ثديا منهن!! وكيف؟.
لقد كان من تدبير الله سبحانه وتعالى أن ألهم أمه أن ترضعه من ثديها، كما يقول سبحانه: «وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ» .. وبهذا التدبير ألف الوليد ثدى أمه، وألف اللبن الذي رضعه من هذا الثدي.. فلما عرض عليه ثدى غير الذي رضع منه، ردّه، وأبى أن يطعم من لبنه.. وهذا أمر طبيعى، فكثير من الأطفال لا يتحولون عن الثدي الذي رضعوا منه الرضعات الأولى..
وهنا يبدو تأبى الوليد على المراضع، أمرا جاريا على المألوف.. وهنا أيضا تلتمس له المراضع، فى صور وأشكال شتّى.. إنه ابن فرعون.. وإن الدولة كلّها فى خدمته.. فيكثر لذلك البحث عن المرضع، التي يستجيب لها ويقبل عليها، وتعمل أجهزة الدولة كلها لتحقيق هذا الأمر. وعندئذ لا ترى أخت موسى بأسا من أن تعرض ما عندها من بضاعة لعلها تروق لأعين القوم، ولعلها تحقق لهم ما يريدون.. «هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ.. وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ» «ولا يتردد القوم في قبول هذا العرض.. ويتم اللقاء بين موسى وأمه،