ويضربون لهذا مثلا، بالشاعر لبيد، أحد أصحاب المعلقات، ويحكون أنه لم يقل بيتا من الشعر، منذ أن دخل في الإسلام..
هذا وكثير غيره مما يقال، فى موقف الإسلام من الشعر والشعراء..
وهو- فى رأينا- قول يخالف الحقيقة ويظلم الإسلام بتلك التهمة!.
فالقرآن الكريم. بأسلوبه المبين المعجز، هو الذي رفع قدر الكلمة العربية، وجعل للبيان العربي هذه المكانة العالية الرفيعة، حتى ليكاد يكون معجزة، لا يلقاه في ميدان الإعجاز، إلا كلمات الله، متحدية، قاهرة..
والشعر العربي، هو مجلى اللغة العربية، ومظهر بيانها، وشاهد بلاغتها..
فكيف يجىء القرآن الكريم، ليقتل هذا الشاهد الوحيد، الذي ينطق بإعجازه، ويحكى عن وجه الإعجاز فيه؟ وإذا مات هذا الشعر العربي، أو اختفى من الميدان، فمن أين يعرف للقرآن الكريم، إعجازه، ومن أين يؤخذ الدليل على مواقع الإعجاز فيه؟
إن القرآن الكريم، إذا وقف وحده في الميدان، فكيف يستدلّ على إعجازه؟ وبم يبين فضله على غيره من الكلام، وليس ثمة كلام غيره؟.
وندع هذا، لنقول: إن الإسلام لم يكن له موقف من الشعر العربي، من حيث هو شعر، وإنما كان موقفه هذا، من الشعر الذي غلب عليه الكذب، والذي اتخذ منه أصحابه أسلحة لنهش الأعراض، وفضح الحرائر، وبهت الشرفاء والأمجاد من الناس، وإلباسهم لباس الخزي والمذلة.. ببيت من الشعر، يصير. مثلا في الناس- ويصبح المقول فيه أمثولة.. فلا تقوم له بعد