وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (23)
التفسير: وهذا الكتاب الذي نزل على محمد، هو آية من آيات الله، وعلم من أعلامه الدالة عليه، وعلى قدرته ووحدانيته.. فمن قصرت بصيرته عن تناول الآيات الكونية، وعن فهم ما تحدّث به عن الله، وعن قدرته ووحدانيته، فهذا هو كتاب الله، ترجمان هذه الآيات، بلسان عربى مبين، يفهم عنه كل عربى ما يقول.. فليستمع إليه، وليأخذ بما يقول، وليؤمن به.. لأنه لا يقول إلا صدقا، ولا ينطق إلا حقّا وعدلا، إذ هو كلام ربّ العالمين.. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وليس الكشف عن صدق هذا الكتاب، وعن علوّ متنزله، بالأمر الذي يعجز عنه العربي، إذ هو ناطق بلسانه متحدث باللغة التي يعرف دقائق أسرارها، وروائع أساليبها.. وما عليه إلا أن يستمع إلى آيات من هذا الكتاب، ثم إلى ما يتخير من فنون الكلام عند قومه: من شعر، وخطابة، وأمثال، وسجع كهان.. ثم يزن كلا القولين، بأى ميزان من موازين القول عنده.. وفى غير عناء سيبدو له أنه يقابل الدر بالحصى، ويفاضل بين الجواهر والأصداف، وأن كلام الله هو كلام الله، وأن كلام الناس هو كلام الناس! فإن شكّ شاك فى هذا فليضع الأمر موضع الامتحان العملي.. فهذه كلمات الله، فى جلالها، وسموها، تقف فى الميدان، متحدية أرباب الفصاحة والبيان، بكل صور التحدي: أن يأتوا بسورة من مثل هذا القرآن، وأن يجمعوا إليهم كل