وتقلّب النبي في الساجدين، هو لقاء المؤمنين في الصلاة. وترديد نظره فيهم، وملاحظة كل منهم، وإعطاؤه حظّه من عنايته ورعايته.. وخصت حال السجود من أحوال المؤمنين، لأنها الحال التي تقربهم من الرسول، هذا القرب، وتنزلهم منه تلك المنزلة..
هذا ما نحب أن نفهم الآية الكريمة عليه.. أما ما يذهب إليه كثير من المفسرين من أن المراد بتقلّب النبي في الساجدين، هو تنقله من الأصلاب الزّاكية إلى الأرحام الطاهرة، منذ آدم، إلى مولده، صلوات الله وسلامه عليه.. فهذا لا يزيد من شرف النبي، إن صحّ، ولا ينقص من قدره، إن لم يصح.. فإن شرفه- صلوات الله وسلامه عليه- فى ذاته، وفيما اختصه الله به من فضله وإحسانه.
وقد تحدث القرآن، عن إبراهيم، خليل الرحمن، وأبى الأنبياء، بما يدمغ أباه بالكفر، وبعداوته لله.. كما تحدث عن ابن نوح عليه السلام، بأنه من الذين حق عليهم العذاب! وفي هذا ما يقطع بأن الأنساب لا شأن لها فيما يريد الله بعباده من خير وإحسان، أو ما يرميهم به من بلاء وهلاك..!
وفي قوله تعالى: «إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» - تأكيد لرعاية الله سبحانه وتعالى، للنبى، وملاحظته له، وأنه في ضمان ربّ عزيز رحيم، سميع عليم..
هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (223) وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (225)
وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ (226) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)