وفى هذا يقول العبد الصالح لموسى- بعد أن حجز موسى عن السير ممه فى هذا الطريق- فى هذا يقول، كما قال القرآن على لسانه: «هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً» (78: الكهف) هذا ما ورد فى القرآن الكريم من لفظ «التأويل» وهو فى جميع موارده لم يستعمل إلا فى الكشف عن أمور غامضة، متخفية وراء ستر، تحول بين الناظر إليها وبينها.. وهى- كما نرى فى سورة يوسف- أحلام.. هى رموز إلى أشياء وأحداث، لم يستطع قراءتها وفك رموزها إلا يوسف عليه السلام.. أو هى كما نرى فى مسيرة العبد الصالح مع موسى، أضغاث أحلام من أحلام اليقظة.. لا يكاد المرء يصحو، حتى ينكرها، وينفض أطيافها المحوّمة أمام عينيه.
فالتأويل على هذا هو فك طلاسم ورموز، يقف الناس جميعا أمامها حائرين، ويقول فيها كل إنسان يقول، وينظر كل ناظر إليها بنظر.. وهيهات أن يلتقى قول بقول، أو يقع نظر على نظر! فكل ما يقال فيها هو رجم بالغيب، إلا من علّمه الله تأويل الأحاديث! وقد آن لنا بعد هذا أن ننظر فى الآية الكريمة:
فقوله تعالى: «هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ» .
يبيّن الأسلوب الذي جاءت عليه آيات القرآن.. فمنه الآيات المحكمة، وهى التي تنطق بدلالتها نطقا واضحا محددا لا يقبل التخريج أو التأويل.. وهذه الآيات هى التي تحمل أحكام الشريعة.. من صلاة وصيام، وزكاة، وحج، كقوله