وأن ينزلوها منزلة الشرائع والمذاهب الوضعية، ليكون ذلك داعية إلى الجرأة على العبث بها، وجعلها في معرض التجريح والتعديل، والتبديل، حسب مقتضيات الأهواء والنوازع..
ومن عجب أن يعوّل الطاعنون في نبوة النبي من المستشرقين، والملحدين- من عجب أن يقولوا في دراستهم لأحوال النبي مع الوحى، على الأحاديث والأخبار التي رواها الثقات من المسلمين، عن رسول الله، - صلوات الله وسلامه عليه- أو شاهدوها من أحواله عند الوحى، ثم يجعلوا هذه الأخبار، والأحاديث دليلا على نفى الوحى، الذي كانت تلك الحالات أعراضا له، وشواهد عليه..
وقد يكون من المستساغ أن يحلى هؤلاء الطاعنون أيديهم من الأحاديث والأخبار، التي تحدّث عن الوحى، وعن الأحوال التي كانت تعرض للنبى منه، ثم لينسجوا من مقولاتهم ومفترياتهم ما يشاءون، للطعن في حقيقة الوحى، وفي صحة ما يوحى إلى النبي.. فذلك على ما فيه من تلفيق وتزييف، أقرب إلى المنطق، من معالجة الحقائق الثابتة، وتحويلها إلى مخلوقات من الباطل الصريح..
إن خلق الشيء ابتداء أيسر من إقامته من أنقاض شىء آخر..
إنه بناء من أول الأمر، ولو كان هذا البناء على شفا جرف هار.. أما الخلق من شىء آخر.. فهو هدم وبناء.. يهدم الشيء ثم يبنيه من أنقاض ما هدم.. إنه أشبه بالثوب الجديد، يمزق قطعا ثم يعاد جمعه من تلك الأمزاق.. ولثوب بال مهلهل، خير من هذا الثوب المرقع.. كذلك فعل الملحدون الطاعنون في رسالة الرسول، وفيما تلقاه وحيا من ربه..