وهذا الاختلاف في العرض، هو من تصريف القول، الذي أشار إليه سبحانه وتعالى، وأشار إلى الغاية منه..

فى قوله تعالى: «وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» (51: القصص) وقوله تعالى: «وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً» (113: طه) وقوله سبحانه: «وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً» (50: الفرقان) .

وقد كان هذا التكرار في القصص القرآنى، موطنا من المواطن التي دخل منها المستشرقون، وأشباه المستشرقين، من أعداء الإسلام، للطعن في القرآن، وأن هذا التكرار، هو اختلال في النظم، جاء نتيجة للحالات العصبية والنفسية التي كانت تعترى النبيّ، كما يقولون، كذبا وبهتانا..

وسنعرض لموضوع التكرار القصصى في القرآن، بعد أن ننتهى من عرض هذه القصة..

ومناسبة هذه القصة لما قبلها، هى أن الآيات السابقة عرضت لموقف المشركين من النبيّ، وخلافهم عليه مع حرصه على هدايتهم واستنقاذهم.. فكان أشبه الناس بخلافهم، وعنادهم، وعتوهم- فرعون، الذي جاءه موسى بآيات مادية محسوسة- كتلك الآيات التي كان يقترحها المشركون على النبيّ- فما زاده ذلك إلا لجاجا وعنادا.. فناسب ذلك أن يذكر هذا الحديث عن فرعون، فى معرض الحديث عنهم، ليروا على مرآة الزمن وجههم واضحا، فى أعتى العتاة، وأظلم الظالمين.. وليروا مصيرهم في هذا المصير الذي صار إليه صاحبهم، وأقرب الناس إليهم.. فرعون، وهامان، وقارون.

وتبدأ القصة هنا، بالمرحلة الثانية من حياة موسى، بعد أن بلغ أشدّه، وتلقى الرسالة من ربه.. فلم يجىء فيهاهنا ذكر، لميلاده، وإلقاء أمه إياه فى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015