وكلّ ما جاء فى القرآن الكريم من أوصاف الجنة ونعيمها، هو مما كان يتمنّاه المؤمنون فى الدنيا، وتقصر عنه أيديهم.. فإذا منّ الله عليهم بالجنّة، كان من تمام هذه النعمة، أن يجدوا كل ما فاتهم فى الدنيا حاضرا بين أيديهم، إلى جانب ما أعدّ الله لهم من نعيم، لم يكن يخطر على قلب بشر..

وإذا كلّ نعيم هذه الدنيا الذي كانوا يتشهوّنه، لا يوازى مثقال ذرة من هذا النعيم الذي لم يروه من قبل، ولم يتخيّلوه! وكذلك الشأن فى عذاب الآخرة، فإن ما يساق منه إلى أهل النار، هو مما كان يراه أهلها واقعا بالمؤمنين فى الدنيا، ومما كان يأخذ به الظالمون أولياء الله- هو شىء لا يذكر، إلى جانب ما يلقون هم اليوم من عذاب فوق هذا العذاب.. فالسياط من النار، والمقامع من الحديد، والسلاسل والأغلال، وغيرها مما تحدّث به القرآن من ألوان النكال لأهل النار، هو مما كانوا يعذّبون به أهل الإيمان.. كما فعل المشركون بالسابقين الأولين من المؤمنين، كبلال وآل ياسر وغيرهم.

قوله تعالى:

«وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً» .

تشقّق السماء بالغمام: أي يأخذ الغمام فيها طرقا، فيتشقق بهذه الطرق أديمها، وبتغير وجهها، وتتلوّن صفحتها..

والمراد بالغمام هنا، هو ما يشبه السّحاب، الذي ينزل الملائكة على هيئته يوم القيامة، فلا يراهم الناس يومئذ إلا فى هذه الظلل من الغمام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015