يقول لهم. هذا هو رسول الله إليكم، وإنه ليأكل الطعام ويمشى في الأسواق، شأنه في هذا شأن المرسلين من قبله جميعا.. فهل أنتم بعد هذا الذي رأيتم من مشاهد الآخرة- هل أنتم مؤمنون به على صفته تلك، أم لازلتم على ما أنتم عليه من إنكار له، وتكذيب به؟

وقوله تعالى: «وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ» - هو توكيد لبشرية الرسل جميعا.. وأنه ما أرسل الله سبحانه وتعالى من رسل، إلا كانوا على تلك الصفة، وكان حالهم هو هذا الحال: «لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ» ! أي يتعاملون مع الناس، بيعا وشراء، وأخذا وعطاء.

وقوله تعالى: «وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً» إشارة إلى أن هؤلاء المشركين هم فتنة للنبىّ وللمؤمنين، وابتلاء من الله لهم بهم، وبما يسوقون إليهم، من مكر، وما يرمونهم به من أذى.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ.. فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ» (112: الأنعام) .

أما ما يذهب إليه معظم المفسّرين من إطلاق الآية على عمومها، وأن الناس جميعا- مؤمنهم وكافرهم- هم فتنة، يفتن بعضهم بعضا، فالكافرون يفتنون المؤمنين، والمؤمنون يفتنون الكافرون- فإنه مردود من أكثر من وجه..

فأولا: الفتنة، حيث لبست إنسانا كانت وبالا عليه، وعلى غيره..

وإذن فلن يكون المؤمن فتنة أبدا، لا لغيره، ولا للناس.. وقد كان من دعاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015