كما حثّ سبحانه عباده الذين أجزل لهم العطاء، وأغدق عليهم الإحسان، أن يشكروا له، فقال لداود وآله: «اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً، وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ» (13: سبأ) .

أما ذكر الله في ساعة العسرة والضيق، فإنه أمر يكاد يستوى فيه الناس جميعا، المؤمنون والمشركون.. كما يقول سبحانه: «وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً، فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ» (12: يونس) فالإنسان هنا هو مطلق الإنسان، والحكم واقع على الأعمّ الأغلب من الناس.

وفي قوله تعالى: «وَكانُوا قَوْماً بُوراً» - إشارة إلى هؤلاء المشركين بالله، وإلى أن شركهم هذا قد حرمهم كل خير، فكانوا بهذا «قوما بورا» أي هلكى، لا سبيل لهم إلى النجاة من هذا المصير المشئوم الذي هم صائرون إليه..

وقوله تعالى:

«فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً، وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً» فى هذا، التفات إلى هؤلاء المشركين، الذين يقولون فى كلام الله، وفي رسول الله هذا القول المنكر، الذي لا يزال على ألسنتهم، ولا تزال أصداؤه تطنّ في آذانهم..

فقد سمعوا شهادة آلهتهم فيهم، وبراءتهم منهم، بل وقرعهم بمقارع التعنيف والتسفيه، وأنهم ليسوا أهلا لما ألبسهم الله من نعم، وما دفع عنهم من نقم..

ومن إعجاز القرآن الكريم هنا، أنه- بكلماته المعجزة- ينقل الناس من الدنيا إلى الآخرة، ثم يردّهم إلى الدنيا مرة أخرى، فى لحظات عابرة، يرتفع فيها هذا الحجاز بين الحياة والموت، وبين الدنيا والآخرة، وإذا هؤلاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015