وتدبير، وتقدير.. وليس خلقا آليا، كما يقول الطبيعيون، الذين يرون فى قوانين الطبيعة قدرة ذاتية خلّاقة! وهذا ضلال في ضلال..

فأولا: لو كانت الطبيعة هى التي تعطى هذا المحصول الوافر من المخلوقات، لكانت كل مخلوقاتها على صورة واحدة، ولما تعددت أجناسا، واختلفت صورا وأشكالا.. لأن تعدد الأجناس، واختلاف الصور والألوان، إنما يكون من عمل إرادة حرّة، مختارة، تفعل ما تشاء.. والطبيعة عند الطبيعيين لا إرادة لها ولا اختيار.. أشبه بالحجر يلقى به من أعلى الجبل، فلا يملك إلا أن يخضع لحكم الجاذبية، ويسقط على السفح! وثانيا: لو سلمنا أن هذه القوانين التي تحكم الطبيعة، وتحدد مسيرتها، هى التي تعمل وتنتج هذا النتاج المتولد من قوانينها- لو سلمنا بهذا.. لكان لنا أن نسأل: فمن أوجد الطبيعة هذه؟ ثم من أودع في هذه الطبيعة تلك القوى الكامنة فيها؟ ومن رسم القوانين التي تحكم الصلات التي بين أشيائها؟ ..

وكيف يقبل الطبيعيون تأليه الطبيعة، في كل ذرة من ذراتها.. ثم لا يقبلون أن يكون على هذه الطبيعة قوة قادرة، تردّ إليها هذه الطبيعة، إيجادا وتقديرا، وتنظيما؟ أليس ذلك أقرب إلى منطق العقل، وأشكل بأسلوب العلم، فى كشف الحقائق، وتقعيد القواعد؟

إن قوانين الطبيعة التي كشف العلم عنها، لا يعيش بعضها بمعزل عن بعض..

فهى وإن كان بينها تفاضل من جهة فإن بينها تكاملا من جهة أخرى.. حتى ينتهى الأمر بها إلى أن تكون قانونا واحدا عاما، شاملا.. هو الذي يحدّث القرآن الكريم عنه بأنه «سنة الله» .. فكل ما عرف وهو هباءة مما لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015