أو الرجم عقوبة؟ إذن فلا سبيل إلى المساواة! وإذن فلا مكان لوضع عقوبة عادلة تأخذ هذه الأطراف.. كلّا بحسب ذنبه! رابعا: إذا قيل إن هذه الجريمة، وقد بلغت ما بلغت من الشناعة والظلم..

لم لا يكون القتل حدّا من حدودها.. ينال على الأقل صاحب المال، وهو المرابى؟ ثم يكون التعزير لآكل الربا (المدين) ثم للشاهدين والكاتب.

إذا قيل هذا.. قيل: إن الجريمة أكبر من القتل، وأكبر من أن ينال مقترفها شرف التطهير بإقامة حدّ من حدود الله عليه.. وليكن عذاب السعير هو العقاب الذي ينزل كل واحد من هؤلاء المشتركين فى هذه الجريمة- منزله من النار، وفى النار منازل، ودركات! خامسا: إن معركة المال بين الأغنياء والفقراء، هى معركة الحياة الدائمة المتصلة.. وهذه المعركة لا ينفع فيها عقاب مادى، ولا يخفف من طغيانها..

لأن المال شهوة قائمة في النفس لا ينطفىء سعارها إلا إذا بللتها قطرات من ينابيع العطف والرحمة والمحبة، ينضح بها ضمير حىّ، ووجدان سليم.

إن الضمير وحده هو الذي يمكن أن يفاء إليه فى تسكين هذه الشهوة الصارخة لحب المال.. ومن هذه الجهة يجىء الأمل فى القضاء على جريمة الرّبا، أو الحد من نشاطها.

ولهذا ترك الإسلام العقاب المادي لهذه الجريمة الغليظة، واتجه إلى الضمير الإنسانى، يخاطبه، ويبعث فيه مشاعر الخير والرحمة والمودة.. فإذا لم يكن ثمة ضمير يندى به قلب الغنىّ عطفا ورحمة على الفقير، فيقرضه قرضا حسنا، أو ثمة ضمير يعفّ به الفقير عن هذا المورد الوبيل- إن لم يكن ثمة هذا الضمير أو ذاك، فلا قيمة لوازع السلطان أمام سلطان المال وطغيانه، وإزاء ضراوة الحاجة وقسوتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015