وكل درجات الرّبا الثلاث والسبعين- من أدناها إلى أعلاها- سلسلة متشابكة الحلقات من الظلم والعدوان.. ظلم النفس، وظلم الغير، وعدوان على حرمة النفس، وحرمة الغير.
والسؤال هنا هو: إذا كان هذا هو شأن الرّبا، وتلك هى جنايته، وآثاره السيئة فى الحياة، فلماذا لم يضع الإسلام عقوبة مادية له، كما وضع للجرائم الأخرى، كالقتل والسرقة، والزنا، وشرب الخمر، والقذف؟ فلكل جريمة من هذه الجرائم حدّ مقرر، وعقوبة راصدة، فرضها الإسلام، وأوجب على المجتمع الإسلامى إقامتها على من وجبت عليه؟.
هذا سؤال، لم أجد فى كتب الفقه التي وقعت ليدى من سأله من الفقهاء..
وإذن فلا سبيل إلى جواب على هذا السؤال من كتب الفقه..
ومع هذا، فقد وقع فى نفسى أن أسأل هذا السؤال، وأن أتولّى الإجابة عليه!!.
ولكن..
لماذا لم يسأل الفقهاء هذا السؤال؟ ولماذا لم يكشفوا عن السبب فى عزل هذا المنكر عن الكبائر الأخرى، فلم تفرض له عقوبة؟ ولقد سأل الفقهاء عن أمور فرضية أو وهمية، قد لا تقع فى الحياة أصلا، ووضعوا أجوبة لها..
فكيف بهذا الأمر الواقع فى الحياة؟
وأكبر الظن عندى، أنه ربما كان ذلك، لأنهم عدّوا مسألة الرّبا من المسائل التعبديّة التي تخفى حكمتها، ولا يسأل عنها، كما خفيت حكمة ربا الفضل على ابن عباس ومعاوية، وكما خفيت الحكمة فى ألوان أخرى من المعاملات.
التي دخلت مدخل الرّبا! ولهذا روى عن عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- أنه كان يقول: