الخبرة- أنه غبن، ولا سبيل إلى الرجوع فى عملية البيع. فالمتماثلان، لا يفضل أحدهما الآخر إلا فى أمور لا يتعرف عليها إلا أهل النظر والخبرة فى هذا الشأن، ومن هنا يقع الغبن، الذي تنتج عنه العداوة والبغضاء، كما ينتج الظلم يأكل أموال الناس بالباطل، عن طريق الربا المعروف، وهو ربا النسيئة.
وقد يقال: إن هذا الذي يقع فى بيع المتماثلين مع زيادة أحدهما عن الآخر- يقع أيضا فى بيع المتماثلين مثلا بمثل.. إذ لا شك أن المتماثلين لا يتماثلان فى جميع الوجوه، وإلا لما كان هناك داع يدعو إلى استبدال هذا بذاك.
ونعم. إنه لا بد من فروق بين المتماثلين، حيث يرى كل من صاحبيهما الرغبة فيما فى يد الآخر.. ولكن الغالب فى المماثلة أن تكون الفروق طفيفة، يمكن أن يحتملها الطرفان بالزيادة أو النقص، ولكن لو فتح باب المفاضلة بين المتماثلين لا تسع مجال الغبن، وتضاعفت مقاديره.. فكان فى إباحة بيع المتماثلين مثلا بمثل رفع للحرج على الناس فى تبادل المنافع، التي لا غنى لهم عنها، كما كان فى تقييد هذه الإباحة بألّا يفضل أحد المثلين الآخر، وزنا أو كيلا- كان فى هذا ما يحرس هذه العملية من الغبن الفاحش، لو فتح فيها باب التفاضل!.
ومن الأمور المفضية إلى الربا، بيع الغرر، والغرر فى اللغة، معناه التغرير والخداع.. يقال. غرّر فلان بفلان أي ساقه إلى سوء، أو أوقعه فى مكروه عن طريق الحيلة والخديعة والغش.
ويقع الغرر أو التغرير فى بعض صور هذا البيع.. وذلك كبيع المعدوم..
مثل حبل الحبلى، وبيع السمك فى الماء، وبيع المعجوز عن تسليمه، كالحيوان الشارد عن صاحبه، أو بيع المجهول المطلق.. مثل قولك: بعتك منزلا، أو المجهول العين، مثل قولك: بعتك ما فى جيبى.