الخلق والبعث نعمة من منعم كريم، بيده الخير، وهو على كل شىء قدير.
قوله تعالى:
«وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ» .
وبهذه الآية، والآية التي بعدها تختم السورة الكريمة، حيث يلتقى ختامها مع بدئها.. فقد بدئت بهذا الإعلان العام: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ» .. ثم جاءت الآيات بعد ذلك تعرض صفات المؤمنين، وما أعدّ الله لهم فى الآخرة من نعيم، حيث يورّثهم الجنّة، ويطلق أيديهم فيها، ينعمون بما يشاءون منها.. ثم عرضت الآيات بعد هذا صورا من قدرة الله، وفضله على الإنسان، الذي أخرجه من تراب، فكان هذا البشر السّوىّ.. وتمضى الآيات فتعرض، صورا للمعاندين المكذبين برسل الله، وما أخذهم الله به فى الدنيا من نكال، وما أعد لهم فى الآخرة من عذاب..
ثم تخلص الآيات من هذا العرض إلى تقرير أمر البعث، وأنه أمر واقع لا شك فيه.. ثم تجىء خاتمتها داعية إلى الإيمان بالله، والإقرار بوحدانيته، والتحذير من الشرك به، فإن من يشرك بالله فهو من الكافرين.. وإن الكافرين هم الخاسرون..
- وفى قوله تعالى: «لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ» - دعوة صريحة إلى تحرير العقل، وإطلاقه من قيد الأسر للأوهام، ومن الانقياد للآخرين، من غير أن يكون له نظر واقتناع، عن برهان قاطع، وحجة واضحة..
فالإيمان بالله سبحانه وتعالى: «قضية» أولى من قضايا العقل، يرتبط بها مسيره ومصيره، فى الدنيا والآخرة.. وهذا من شأنه أن يدعو الإنسان أن يلقى هذه القضية فى جدّ واهتمام بالغين، وأن يوجّه إليها كل مدركاته،