وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)
التفسير: وحين يستجيب المؤمن لأمر الله بترك الرّبا، وأخذ ما أقرضه دون زيادة، فإن عليه أن ينظر فى حال المدين، فإن كان معسرا- وهو ما يكون غالبا- ترفّق به، ومدّ له فى الأجل إلى أن يتدبر أمره، ويتهيأ له الظرف المناسب لأداء ما عليه من دين.. فذلك ما تمليه عاطفة الرحمة والمودّة، وما تقتضيه المروءة فى مثل هذه الحال.. ثم هو فوق ذلك عمل مبرور، له ثوابه وجزاؤه عند الله.. وخير من هذا وأعظم ثوابا وأحسن جزاء عند الله، هو أن يتصدق الدائن بدينه على المدين.. كله، أو بعضه، حسب ما يرى الدائن من حال المدين.
وفى الدعوة إلى التصدق بالدّين على المدين هنا ما يشير إلى أن هؤلاء الذين تضطرهم أحوالهم إلى الدين إنما هم- فى الغالب الأعم- الفقراء، الذين لا يجدون من مالهم ما يستجيب لحاجتهم من ضرورات الحياة، فيمدّون أيديهم إلى ذوى اليسار ممن يتوسمون فيهم المروءة، ليعينوهم بشىء من مالهم، على أن يكون ذلك دينا يرد إليهم فى أجل معلوم! فإذا سخت نفس الإنسان أن يقدم هذا العون للمحتاج فى صورة دين، فإنه لأجمل وأكمل أن يحتسبه صدقة عند الله، على ألا يجرح بذلك مشاعر المدين، وألّا يمنّ عليه، ويفضحه، بأن يقول له على سبيل المباهاة، أو الإيذاء والانتقام: تصدقت عليك بما لى عليك من دين.. فذلك مما يذهب بصدقته ويمحقها، والطريق الأمثل فى هذا- إن رأى أن يتصدق بدينه- أن يترك