فى الإنسان.. وحين يسكت النبض تتوقف الحياة، ويغيض مجراها، وتجفّ ينابيعها..

وإذ كان القلب بهذه المثابة، فإنه هو صاحب الشأن الأول فى الإنسان، بحكم آثاره الظاهرة فيه.. إنه يعمل دائما فى حال اليقظة والنوم.

وأما العقل، وإن عرفت آثاره، فإنه لا يعرف سرّه، ولو عرف سرّه، فإنه لا يخرج عن أن يكون ربيب القلب، وغذىّ ماء الحياة الذي يمدّه به، أيّا كان موضعه فى كيان الإنسان، وأيّا كان مستقرّه.

فإذا أضاف القرآن الكريم إلى القلب، علما، ومعرفة، وحكمة، وإيمانا، فإنّما ذلك لأنه سلطان الجسد كلّه، وإلى صلاحه أو فساده يعود صلاح أعضاء الإنسان وفسادها، وسلامة حواسه أو اعتلالها.. وليس العقل إلا حاسّة خفية- من حواس الإنسان، ترتبط سلامته بسلامة الجسد، كما ترتبط سلامة الجسد بسلامة القلب، وفى المثل: «العقل السليم فى الجسم السليم» .. وقد كشف عن هذا الرسول الكريم فى قوله: «ألا وإن فى الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهى القلب» .

وعلى هذا يمكن أن نفهم قوله تعالى: «فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها» (46: الحج) لا على أن القلب هو مصدر الإدراك المباشر، وإنما هو مصدر للعقل الذي يعقل ويدرك.. فلو كان القلب سليما معافى من العلل لسلم العقل، ثم لكان إدراكه للأمور سليما، وتقديره لها صحيحا.. وهذا أبلغ فى الكشف عن داء الغفلة المستولى على القوم، وأنه داء ينبع من المنبع الأصلى، وهو القلب، وليس داء عارضا أصاب حاسة من الحواس..

إنه داء يسرى فى الجسد كله.

وسواء إذا كان القلب هو موطن المشاعر والمدركات، أم كان عضوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015