المستأنية مع مناسك الحج، ودعا أكثر من مرّة إلى رعايتها، وتعظيمها، وذلك ليدافع هذا الشعور الذي قد يتسلّط على الإنسان من التراخي فى أداء هذه الأعمال، وتلك المراسم، أو أدائها فى استخفاف وتكرّه، الأمر الذي يذهب بالثمرة الطيبة، والمعاني الكريمة التي تدخل على نفس الحاج من هذه الأعمال، إذا هو أداها على وجهها الصحيح، ممتثلا أمر الله فيها، شارحا بها صدره، مسلما لها وجوده، مضيفا إليها مشاعره.
وهكذا يقيم الإسلام المسلمين على منطق العقل، ومشاعر القلب معا..
فهو إذ يدعوهم إلى الإيمان بالله، والإقرار بوحدانيته، يجىء إليهم عن طريق العقل، فيقيم لهم الحجج، وينصب الأدلة والبراهين، حتى يقع الإيمان منهم موقع اليقين.. لأنه هو الأساس الذي تقوم عليه كل دعوة للإسلام، وكل أمر من أوامره، ونهى من نواهيه.. فإذا كان الإيمان بالله عن نظر واقتناع، كان التسليم واجبا بكل ما يأمر به الله، أو ينهى عنه..
ثم كانت الصلاة.. وكان الصوم.. وكانت الزكاة.. وكلها أعمال يلتقى فيها منطق العقل، مع مشاعر القلب، وإن كان منطق العقل فيها أكثر من منطق الشعور، أو مساويا له.
ثم أخيرا، كان الحج.. فكان مشاعر خالصة، أو شبه خالصة، حيث يكاد العقل يخلى مكانه للقلب، ليأخذ حظه كاملا، كما أخذ العقل حظّه كاملا من الإيمان بالله! .. وبهذا يعتدل ميزان الإنسان، وتتوازن مداركه مع مشاعره، ويتآخى عقله مع قلبه.. وذلك هو الإنسان فى أعدل صورة، وأحسن تقويم، وأتم وضع!! قوله تعالى: