هذا، ويكاد إجماع المفسّرين ينعقد على أن قوله تعالى: «عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ» متعلق بقوله تعالى: «وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ» ..

وعلى أن ذكر اسم الله فى هذه الأيام المعلومات واقع على «ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ» وهى الهدى المساق إلى بيت الله، بمعنى أنهم يذكرون اسم الله عند نحر ما يقدّمون من هدى..

والذي نراه- والله أعلم- أن قيد ذكر اسم الله على بهيمة الأنعام فى تلك الأيام المعلومات غير مقبول، وذلك من أكثر وجه:

فأولا: ذكر اسم الله على بهيمة الأنعام لا تختصّ به أنعام الهدى وحدها، بل هو أمر واجب فى كل ما يذبح من حيوان للأكل، سواء ما كان منه هديا أو غير هدى، وأنه لا يحلّ أكل حيوان ذبح من غير أن يذكر اسم الله عليه، وهذا صريح فى قوله تعالى: «وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ.. وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ» .. (121: الأنعام) وفى قوله سبحانه: «فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ» (118: الأنعام) .. فقد جاء النهى فى الآية الأولى صريحا قاطعا، كما جاء الأمر بالأكل فى الآية الثانية:

«مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ» متضمنا النهى- بمفهوم المخالفة- عن الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه.

وعلى هذا، يكون تخصيص ذكر اسم الله فى الأيام المعلومات، وقصره على بهيمة الأنعام- لا محلّ له، إذ لا جديد فيه، الأمر الذي يجعل الآية معطلة عن إعطاء معنى يستفاد منها. وذلك مما تنزّهت عنه آيات الله وكلماته. وفى هذا يقول ابن حزم فى كتابه «المحلّى» ردّا على من يقول بأنه لا يجوز أن يضحّى ليلا، محتجا بقوله تعالى: «وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015