وإلّا كان عليه أن يتحمل تبعة نكوصه وتخاذله، وأن يتجرع مرارة هذا الإخفاق، وأن يخلع ثوب الإنسانية، ليعيش مسخا قزما، مشوّه الخلق بين أبناء جنسه، الذين اعتدل خلقهم، وسلمت لهم فطرتهم، وذلك هو الشقاء الأليم والعذاب المهين..
- قوله تعالى: «وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ» معطوف على قوله سبحانه: «يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ» .. أي ويسجد له كثير من الناس..
- وفى قوله تعالى: «وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ» هو استئناف، أي وكثير من الناس لا يسجدون لله، فحق عليهم العذاب.. أي وجب ولزم..
وفى قوله تعالى: «عَلَيْهِ» بدلا من «عليهم» إشارة إلى أن هذا الصنف من الناس الذي أبى السجود لله، هو فى عداد غير العقلاء.. «أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ» (179: الأعراف) فهم وإن كانوا أعدادا كثيرة، أشبه بكيان واحد يجمع كتلة متضخمة من الضلال والفساد..
قوله تعالى: «وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ» - هو موجّه إلى تلك الجماعات التي شردت عن الحق، وضلّت عن سواء السبيل، وهى كلّ الطوائف غير المؤمنة التي أشار إليها سبحانه وتعالى فى قوله: «وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ» .. فهؤلاء ممن أهانهم الله، إذ لم يدعهم إليه، ولم ينزلهم منازل رضوانه، فشردوا وضلّوا.. فالكفر بالله هو أمارة الإهانة من الله للكافر، إذ لم يكن أهلا لأن يدعى إلى جناب الله، مع من دعوا إليه من عباده الذين آمنوا، لما اشتمل عليه كيانه من داء خبيث، لا ينبغى له أن يخالطه الأصحّاء ومعه هذا المرض، الذي يفتال إنسانيته، ويفسد معالمها.
- وقوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ» هو ردّ على سؤال أو تساؤل،