بتصحيح معتقدهم فى الله، وإيمانهم به.. ففى ذكر اليهود والنصارى ذكر ضمنىّ- ومن باب أولى- للمجوس والذين أشركوا.
أما فى موقف الفصل والحساب والجزاء، فكل طائفة على منزلتها..
فكان لا بدّ من ذكر المؤمنين، ومن ذكر من معهم شبهة من الإيمان، وهم اليهود، والنصارى، والمجوس، ومن لا شبهة من إيمان معهم، وهم الصابئة والمشركون.. وذلك حتى لا يقع فى وهم المجوس والذين أشركوا، أنهم غير مأخوذين بهذا الحكم، وأنهم ناجون من الحساب والجزاء..
ففى موقف الفصل والجزاء يأخذ كلّ مكانه، لا مع الطائفة التي ينتمى إليها وحسب، بل سيأخذ مكانه الخاصّ به فى الطائفة التي هو منها قوله تعالى:
«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ» .
فى هذه الآية تعريض بالكافرين والمشركين، وغيرهم، ممن لا يعطون ولاءهم خالصا لله.. فعلى حين أن الوجود كلّه قائم على هذا الولاء المطلق الخالص لله- فإن كثيرا من الناس- والناس وحدهم فى عالمنا- يخرجون على هذا الولاء العام المطلق لله، ويأبون أن يسجدوا له، فإن سجدوا كان سجودهم لغير الله.. وهذا فوق أنه كفر بالله، وجحود بآلائه ونعمه، هو شرود وضلال عن الاتجاه العام، الذي يتجه إليه الكون كلّه، وسباحة متحدية للتيار الهادر الذي لا يغالب، والذي لا يلبث أن يغرق فيه كلّ من سبح فى غير مجراه!