ويضرعون تحت أقدامهم، فإن الأمر سينجلى عن خيبة، وينكشف عن حسرة إذ كان قد فاتهم أن يعملوا جهدهم فى علاج البلاء الذي وقع بهم، أو أن يوطّنوا النفس على احتماله.. فإذا انكشف الأمر عن عجز هؤلاء المعبودين عن مدّ العون فى هذا الموقف، كان الخطب أفدح، والمصيبة أعظم..

وهكذا شأن كثير من الذين يفزعون إلى الأضرحة، ويتعلقون بأبوابها، وأستارها، ويتمسحون بأعتابها وترابها، كلما مسّهم ضر، أو كربهم كرب..

فتراهم هناك يقضون أيامهم ولياليهم فى ترديد عبارات الرجاء، وطلب الغوث، غير ناظرين إلى ما طرفهم من أحداث، وما جلّ بهم من ضرّ، فلا يعاجلونه بالجدّ والعمل، ولا يلقونه بالأسباب العاملة فى دفعه، أو تخفيف أثره، منتظرين هذه القوى الخفية التي يلمحونها من وراء تلك الأضرحة أن تقوم عنهم بما كان يجب أن يقوموا هم به، وأن تتولى عنهم ما كان ينبغى أن يتولوه هم بأنفسهم..

ومن غير دخول أو تعرّض إلى ما تضمّ هذه الأضرحة من صلاح وتقوى فيمن أودعوا فيها من عباد الله الصالحين.. ومن غير اعتراض أو تعرض لما ولأولياء الله من كرامات فى الدنيا. ومن غير بحث أو جدل فيما قد يكون أو لا يكون من اتصال كراماتهم فى حياتهم، وبعد موتهم- فإن الذي يقضى به العقل، وتوجيه سنن الحياة، هو أن تعالج الأمور بأسبابها، وأن يؤتى إليها من أبوابها، وأن يلقاها الأحياء بواقع الحياة، وألّا يسلموها إلى تلك الغيبيّات التي لا يرون مجرياتها، ولا يدرون ما تأتى وما تدع من أمور..

هذا ما يقضى به العقل، وما تفرضه سنن الحياة..! وهو عين ما يقضى به الإيمان بالله.. حيث أوجب الإيمان على المؤمنين أن يعملوا، وأن يواجهوا الحياة بعقولهم، وحواسّهم، وقواهم العقلية والجسدية معا، وأن يتقبلوا بعد هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015