يعبد الله على حرف، أي على جانب واحد، دون أن يعطى الله وجوده كلّه.
فإن أصابه فى دنياه خير ومسّته عافية، اطمأن، ووضع رجليه معا على طريق الإيمان..
وإن أصابه شىء ابتلى به فى ماله، أو ولده أو نفسه «انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ» أي أعطى الإيمان ظهره.. وأنكر الله، وتنكّر له، ونسى نعمته عليه، وإحسانه إليه.
وهذا نفاق مع الله، أقبح وجها، وأشد نكرا من النفاق الذي يعيش به المنافقون فى الناس.. إنه مكر بالله، واستخفاف به- وفى قوله تعالى: «خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ» إشارة إلى أن هذا النفاق مع الله يقضى على صاحبه بخسران الدنيا والآخرة جميعا.. فهو قد خسر الدنيا، لأن ما ابتلاه الله، لا يدفعه عنه هذا الكفر بالله، الذي لقى به ابتلاء الله له..
وهو قد خسر الآخرة، لأنه سيلقى الله على كفره هذا، وللكافرين عذاب أليم.
وقوله تعالى: «ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ» أي الخسران العظيم الواضح، الذي ليس فيه شبهة.. إذ كانت خسارة الدنيا فيه محققة، لأنها وقعت فعلا، ولو كان مؤمنا بالله، لوجد فى التسليم له والرضا بقضائه، عزاء يخفف من مصابه، ويهوّن من مصيبته.. وخسارة الآخرة ستتحقق أيضا، لأنها واقعة لا شك فيها، إذ هكذا سيعلم هذا الذي يعبد الله على حرف، وإن فتنه الابتلاء، وأضلّه عن سواء السبيل..
قوله تعالى:
«يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ» .