الإنسانية وأنفع لها، فيما يدفع عن هذه «الحياة» ما يعانيه الناس من غوائل الأوبئة والأمراض..
أما الحقيقة التي أريد أن أصارح العلماء بها، فهى ما صرّح به القرآن الكريم فى الجزء الأخير من هذه السورة، وهو قوله تعالى:
«يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ.. إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ.. وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ.. ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ» .
فهذه آية متحدّية، للناس، ولما يعبد الناس من مخلوقين يرونهم آلهة، بما فى أيديهم من سلطان مادى أو روحى..
فالناس، فردا فردا، وجماعة جماعة.. «لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً» .. وهو أضأل المخلوقات وأضعفها.. «وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ» .. واحتشدوا له من أقطار لأرض كلها، وجاءوا بكل ما معهم من علم..
والذباب لا يعدو أن يكون دودة متخلّقة من مخلقات المواد القذرة والمتعفنة، فهو- بهذه الصورة- أدنى مراتب الحياة، وأنزل منازلها.. ومع هذا فإن الناس كلهم لن يخرج من أيديهم بكل ما معهم من علم، أن يخلقوا ذبابة واحدة! وأكثر من هذا، فإن هذا الذباب الذي عجزوا عن خلقه، هو- فى حال من أحواله- أقوى منهم، وأقدر على الكيد لهم.. وأنه إذا سلبهم سيئا لا يستنقذونه منه، ولا يستطيعون له ردّا..
والذباب أنواع كثيرة.. منه الذباب المعروف، ومنه ذباب الفاكهة، ومنه الزنابير وغيرها..