وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ» .

تعرض هذه الآيات الثلاث ما يلقى المؤمنون يوم القيامة من ربهم، من كرامة وتكريم.. وقد وصفوا بأنهم الذين سبقت لهم من الله الحسنى، لأن إيمانهم بالله، وتوفيقهم للأعمال الصالحة، لم يكن إلا بما سبق من علم الله بهم، وإرادته فيهم، وأنهم كانوا فى علم الله، وبمقتضى إرادته من أصحاب اليمين..

هكذا خلقهم الله أزلا.. فلما جاءوا إلى هذه الدنيا، جروا على ما علم الله منهم، وعلى ما أراد لهم، فآمنوا، وعملوا الصالحات، وكانوا من عباد الله المكرمين..

فالإيمان والكفر، والهوى والضلال، وأصحاب الجنة وأصحاب النار..

كلّ ذلك فى علم الله القديم، وفى إرادته السابقة.. كما يقول سبحانه:

«هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ» (2: التغابن) وكما يقول جلّ شأنه: «فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ» (7: الشورى) .

وقد شرحنا هذه القضية فى مبحث خاص تحت هذا العنوان: «مشيئة الله.

ومشيئة العباد» .

فهؤلاء الذين سبقت لهم من الله الحسنى، هم مبعدون عن تلك النّار التي يتقلب على جمرها، ولهيبها، الكافرون والضالون.. فلا يخلص إلى المؤمنين شىء من حرّها، ولا يصل إلى أسماعهم حسّ من زفيرها وشهيقها «لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها» حتى لا تتأذى مشاعرهم بهذه الأصوات الرهيبة، المفزعة، «وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ» أي أنهم يلقون فى الجنة ما تشتهى أنفسهم، من نعيم دائم لا ينقطع أبدا.. «لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ» أي أنهم لا يجزعون ليوم القيامة ولا يفزعون منه، إذ ملأ الله قلوبهم طمأنينة وأمنا، بما أراهم من فضله، وبما استقبلتهم به الملائكة من بشريات بهذا الفضل، إذ الملائكة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015