ويبرأ من نفسه وما توسوس له به.. إنه يكون أبدا على شاطىء النجاة!.
قوله تعالى:
«وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ» .
وزكريا- عليه السلام- كان مبتلى بالحرمان من الولد، وقد طال انتظاره له، وتطلعه إليه، حتى بلغ من الكبر عتيّا.. فلما بلغ الحدّ الذي يقع عنده اليأس، لم يكن من اليائسين من روح الله، فدعا ربّه، وناجاه فيما بينه وبين نفسه، فقال: «رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ» .
- وفى قوله: «وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ» تعقيب على قوله: «لا تَذَرْنِي فَرْداً» أي إن لم تستجب لى، وتهب لى من يؤنسنى، ويرثنى من الولد، فتلك هى مشيئتك، وهى منّى بموضع الاستسلام والرضا، فإذا لم يكن لى الولد الذي يرثنى، فأنت خير الوارثين.. ترث الأرض ومن عليها..
- وفى قوله تعالى: «وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ» إشارة إلى ما كان فى امرأته من عقم، وأنها بهذا العقم لم تكن صالحة للحمل والولادة، فأصلحها الله سبحانه وتعالى، وجعل من المرأة العقيم امرأة ولودا..
- وقوله تعالى: «إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ» .. الضمير فى «إِنَّهُمْ» يعود إلى زكريا، وزوجه، وولدهما يحيى.. فهم جميعا كانوا على حال متقاربة من الإيمان بالله، والطمع فى رحمته، والخوف من عذابه والخشوع لعظمته وجلاله..
والرّغب: الرغبة، والطمع.. والرّهب: الخوف، والخشية.