«وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ» .
ذا النون: هو يونس- عليه السلام- والنون: هو الحوت، وجمعه نينان.. وقد نسب إليه يونس، لأنه عاش فى بطنه زمنا- كما سترى..
وقوله تعالى: «إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً» إشارة إلى أنه اختلف مع قومه، فتركهم وذهب بعيدا عنهم، مغاضبا لهم.
وفى قوله تعالى: «مُغاضِباً» إشارة إلى أنه استجلب المغاضبة، واستعجلها، وأنه وإن ظهر له من قومه ما يثير الغضب، ويدعو إلى القطيعة، إلا أنه كان جديرا به أن يصبر، ويصابر، وألّا يأخذ القوم بأول بادرة، فيتخلى عن مقامه فيهم.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى، مخاطبا النبىّ الكريم، صلوات الله وسلامه عليه: «فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ» (48: ن) .
ففى هذا تعريض بيونس- عليه السلام- وأنه لم يصبر الصبر المطلوب من الأنبياء..
وقوله تعالى: «فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ» أي ظن أن لن نقدر على محاسبته على هذا الموقف، وعقابه عليه..
ولم يكن من يونس عليه السلام هذا الظن بربه، وبقدرته، وإنما حاله التي كان عليها هى التي تعطى هذا الوصف له.. فهو قد فعل فعل من يظن أنه يفعل ما يفعل، ثم لا يجد محاسبا على ما فعل..
قوله تعالى: «فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ» .