اختلف المفسرون فى هذا:
وذهب أكثرهم إلى أن «الْفُرْقانَ» هو الآيات الحسّية كالعصا واليد..
اللتين كانتا من آيات موسى.. وأن «الضياء» هو «التوراة» وكذلك «الذكر» ..
وذهب بعضهم إلى أن ثلاثتها شىء واحد، هى «التوراة» . فهى فرقان يفرق بين الحق والباطل، وهى ضياء يكشف معالم الطريق إلى الحق، والخير، والإحسان، وهى ذكر وموعظة، لمن يطلب الذكر والموعظة، ولمن كان فى قلبه إيمان وتقوى.. حيث يذكر فتنفعه الذكرى..
ونحن نميل إلى هذا الرأى، حيث أن الآيات المادية قد ذهبت آثارها، ولم يكن لها أثر إلا فيمن شهدوها، ورأوا آثارها بأعينهم..
ونسبة إتيان الفرقان لموسى وهرون، مع أن موسى هو الذي أوتى هذا الكتاب، لأن هرون كان مشاركا لموسى فى الدعوة إلى الله بهذا الكتاب كما قال الله تعالى: «قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى» .
وفى قوله تعالى: «لِلْمُتَّقِينَ» تعريض باليهود، وبأنهم لا يتقون الله، ولهذا فهم لا ينتفعون بهذا الفرقان، والضياء والذكر، الذي فى أيديهم، ولا يوقرونه، بل لقد عبثوا به، وغيروا به وبدّلوا فيه..
- وفى قوله تعالى: «الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ» صفة للمتقين.. وفى هذا الوصف تعريض باليهود، وبأنهم ليسوا على هذه الصفة، وأنهم ماديّون، لا يتعاملون إلا بالحسيات، ولهذا فهم لا يؤمنون بالله إلا إيمانا طفيفا، قلقا، ولهذا أيضا فهم لا يعملون للآخرة، ولا يشفقون مما يلقاهم فيها من عذاب الله.. إذ كان عذابها غير حاضر بين أيديهم.. إنهم لا يؤمنون بالغيب، ولا يقيمون حياتهم على التعامل به..