أن يستقر على حال واحدة فى جميع الأحوال، لما يموج فيه من شتى المشاعر، ومختلف العواطف والنزعات.. واطمئنان القلب اطمئنانا مطلقا أمر يكاد يكون مستحيلا، لا يبلغه إلّا المصطفين من عباد الله!، بعد إبتلاء ومجاهد..
وقوله تعالى: «قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً» .
هو كشف عن تجربة يجريها إبراهيم بنفسه، ويصنعها بيده، ويشهد آثارها بعينه.
وتمر التجربة فى مراحل:
1- أن يأخذ إبراهيم أربعة من الطير.
2- أن يضمها إليه، ويتعرّف عليها، ويجعل لكل منها سمة خاصة يدعوها بها، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ» أي تألفهن إليك.
3- أن يقطعهنّ قطعا، ويمزقهنّ أشلاء.
4- أن يوزع أشلاءها على رءوس الجبال.
5- ثم يدعوها إليه بأسمائها، كما يدعو أهله ومعارفه بأسمائهم!.
وبهذا تتم التجربة، وتجىء الطيور الأربعة مسرعة!.
وقد كان.. فتمت التجربة على هذا التدبير والتقدير!.
هذا، وفى الحديث عن الطير بنون النسوة ومعاملتها معاملة المؤنث العاقل، ما يدل على أنها كانت فى خضوعها لإبراهيم، واستجابتها لندائه، تفعل فعل العقلاء، وتتصرف تصرف من يعى ويعقل! وهذا يعنى أنها عند ما دعيت استجابت للدعوة فى غير توقف أو تردد! لأنها تعرف وجه الذي دعاها، وتفهم مدلول كلماته.