عميقا، فى مكان منعزل عن الناس والحياة، وليكن كهفا، وذلك على نحو ما حدث لأصحاب الكهف، ولكلبهم، الذي صحبهم فى نومهم الطويل.
وفى قوله تعالى: «فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ» مشابه كثيرة من قوله سبحانه فى أصحاب الكهف: «فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً» (11: 12 الكهف) وثالثا: ماذا أفادت هذه التجربة فى واقع الحياة؟ ولم كانت مئة عام ولم تكن عاما، أو بعض عام.. فإن امتداد الزمن وقصره سواء، بعد أن يجاوز المدى الذي يمكن أن يحتمله الإنسان فى الحياة بلا طعام أو شراب؟.
والجواب عن الشق الأول من السؤال، هو أن التجربة قد رفعت عن هذا الرجل المؤمن بالله غشاوة كانت تظلل إيمانه، وتزعج طمأنينة قلبه، وفى هذا رحمة من رحمة الله بعبد من عباده، إذ استنقذه من الضلال، وأدخله فى عباده الصالحين.. وليس هذا بالشيء القليل من معطيات هذه التجربة، كما أن هذه التجربة ليست بالشيء الكثير على قدرة الله- إنها لا تعدو أن تكون استيلادا لمولود جديد من مواليد الحياة! فإذا نظرنا إليها من هذه الزاوية هانت وصغرت بالنسبة لبابها الذي جاءت منه، وإذا نظرنا إليها من جهة دلالتها كانت شيئا رائعا عظيما مثيرا، للدلالة على قدرة الله وحكمته، وسعة رحمته! والجواب عن الشق الآخر من السؤال هو أن امتداد رحلة النوم أو الموت إلى مئة عام، إنما هو إخبار عن الحدث الذي وقع، ولو كانت هذه الرحلة عاما أو بعض عام أو عشرة أعوام أو ألف عام، لكان هذا السؤال واردا على أي زمن منها! وإذن فلا محلّ لهذا السؤال عن المائة عام! ولنؤمن بما أخبر الله به عنها، وأنها مئة عام.. ولنترك حكمة هذا الزمن الطويل لله وحده..